SPONSERD ADS
SPONSERD ADS
طارق حبيب: رحلة في فهم النفس وبناء الإنسان الواعي
في عالمٍ يتسارع فيه الإيقاع وتزداد فيه التحديات النفسية والاجتماعية، برز اسم طارق حبيب بوصفه أحد أكثر الأصوات تأثيرًا في مجال الوعي الإنساني والتربية النفسية في العالم العربي. لم يكن مجرد طبيب نفسي يشرح النظريات الأكاديمية، بل كان جسرًا يصل بين العلم والروح، بين المنطق والعاطفة. امتلك قدرة نادرة على تبسيط المفاهيم النفسية وربطها بحياة الناس اليومية، حتى غدا اسمه مرادفًا للفهم العميق والتربية الواعية.
هذا المقال يأخذنا في رحلة داخل فكر طارق حبيب، لنفهم كيف استطاع أن يغيّر نظرة كثيرين إلى أنفسهم وأبنائهم، وأن يجعل من الوعي النفسي ضرورة لا ترفًا.
من هو طارق حبيب؟
طارق حبيب طبيب نفسي سعودي وُلد في القصيم، ودرس الطب في جامعة الملك سعود، ثم تخصّص في الطب النفسي في بريطانيا. على مدار سنوات طويلة، جمع بين الممارسة الإكلينيكية والعمل الأكاديمي والإعلامي، فصار من أبرز الوجوه التي تتحدث عن النفس الإنسانية في العالم العربي.
عُرف بأسلوبه الهادئ القريب من القلب، وبطريقته الفريدة في نقل المعلومة دون تعقيد أو ادّعاء. فهو لا يقدّم النفس البشرية كمعضلة تحتاج إلى محلّل، بل ككائن حيّ يحتاج إلى الفهم والرعاية. ويؤكد دائمًا أن التربية ليست “تصحيحًا للأبناء” بل “رحلة فهم للذات قبل أن تكون للأولاد”.
فلسفة طارق حبيب في فهم النفس
يؤمن طارق حبيب أن الإنسان لا يمكن أن يعيش بسلام إلا إذا تصالح مع ذاته أولًا. هذه الفكرة البسيطة شكلت محور فكره النفسي. فهو يرى أن أغلب اضطراباتنا تنشأ من صراع داخلي بين ما نريد وما يُتوقَّع منا، بين الطفل في داخلنا والراشد الذي نحاول أن نكونه.
يشرح أن فهم المشاعر ليس ضعفًا، بل هو أول الطريق إلى القوة. وعنده أن البكاء ليس نقيض الرجولة، بل دليل إنسانية. ويستشهد دائمًا بحديثه الشهير: “لا تظن أن القوة أن تكتم ألمك، القوة أن تعترف به دون أن يغلبك.”
بهذا المنطق، قدّم نموذجًا متوازنًا بين العلم والدين، بين التحليل النفسي والوعي الروحي، فاستطاع أن يقدّم طرحًا يناسب المجتمع العربي المحافظ دون أن يفقد عمقه العلمي.
طارق حبيب والتربية الواعية
في برامجه ومؤلفاته، ركّز طارق حبيب كثيرًا على تربية الأبناء، لكنه لم يجعلها محصورة في تعليم السلوكيات، بل جعلها امتدادًا لفهم الوالدين لأنفسهم. فهو يرى أن “الابن مرآة والده”، وأن تصرفات الطفل غالبًا تعكس اضطرابات غير محسومة في شخصية الأب أو الأم.
على سبيل المثال، الطفل العصبي لا يحتاج إلى الصراخ، بل إلى أبٍ هادئ يفهم أن صراخ ابنه انعكاس لخوفه أو ضيقه. أما المراهق العنيد، فهو لا يبحث عن التمرد، بل عن مساحة حوار تُشعره بأنه يُسمع لا يُحكَم عليه.
هذه النظرة جعلت منه منارة لكثير من الأمهات والآباء في العالم العربي، ودفعتهم للتساؤل: كيف أربي ابني وأنا نفسي لم أتربَّ على الوعي؟ وهنا يأتي دور مقولته الشهيرة: “أصلح نفسك، يصلح من حولك.”

أثره الإعلامي والتوعوي
استغل طارق حبيب المنصات الإعلامية بذكاء غير مألوف. قدّم العديد من البرامج على التلفزيون والإذاعة، منها “من القلب إلى القلب” و“في بيتنا مشكلة”، وظهر في لقاءات جماهيرية جذبت ملايين المشاهدات.
بأسلوبه المتوازن، استطاع أن يُحدث نقلة في طريقة تناول علم النفس عربيًا، فبدل أن يُنظر إليه كـ”طب للمجانين”، صار علمًا للحياة اليومية.
وبحسب تقديرات تقريبية، يتابع محتواه على المنصات الرقمية أكثر من 5 ملايين شخص بين يوتيوب وتويتر وإنستغرام، مما يعكس قوة تأثيره الثقافي في تشكيل وعي جيلٍ جديد يبحث عن الفهم لا الوعظ.
SPONSERD ADS
طارق حبيب والوعي بالعلاقات الإنسانية
لا يتوقف فكر طارق حبيب عند حدود الفرد أو الأسرة، بل يمتد إلى العلاقات الإنسانية بشكل عام. فهو يرى أن المجتمع السليم يبدأ من علاقة سليمة بين شخصين، سواء في الزواج أو الصداقة أو العمل.
يؤكد أن “الاختلاف لا يعني الخلاف”، وأنّ التواصل الحقيقي هو أن تستمع لتفهم، لا لترد. لذلك نجده ينتقد الأنماط السامة في العلاقات، مثل التلاعب العاطفي أو الصمت العقابي، ويدعو دائمًا إلى الوعي المتبادل والاحترام الذاتي.
ويُرجع كثيرًا من فشل العلاقات الزوجية في العالم العربي إلى غياب الحوار الصادق وإلى “المقارنة القاتلة” التي تزرعها وسائل التواصل، حيث يقارن الناس واقعهم المرهق بصور الآخرين المثالية.

الجانب العلمي والبحثي
بعيدًا عن ظهوره الإعلامي، فإن طارق حبيب طبيب وباحث قدّم أوراقًا علمية في مجالات الطب النفسي والاضطرابات السلوكية.
شارك في مؤتمرات دولية، وكتب دراسات حول القلق والاكتئاب والعلاقات الأسرية في المجتمعات العربية، محاولًا المزج بين الطب النفسي الغربي وفهم الخصوصية الثقافية والدينية المحلية.
كما أسّس مركزًا للاستشارات النفسية يهدف إلى تدريب الشباب والأخصائيين الجدد على فهم الإنسان لا كـ”حالة مرضية” بل كقصة حياة.
وتشير بعض التقديرات إلى أن أكثر من 30 ألف متدرّب استفادوا من برامجه التدريبية خلال العقد الأخير، مما جعله أحد أهم الأصوات العلمية في مجاله.
إرث طارق حبيب في المجتمع العربي
إرث طارق حبيب لا يُقاس بعدد برامجه أو كتبه فقط، بل بما أحدثه من تغيير في نظرة الناس لأنفسهم. لقد ساعد على إزالة الوصمة عن المرض النفسي، وشجّع على طلب المساعدة دون خجل، وذكّر الناس بأن “الطبيب النفسي لا يعالج الجنون، بل يعيد ترتيب الفوضى في الداخل.”
كثير من الشباب اليوم يستلهمون منه فكرة أن الوعي ليس ترفًا، وأن الصحة النفسية أساس النجاح في كل جانب من جوانب الحياة. وبفضله صار الحديث عن المشاعر والعلاقات والنضج العاطفي أمرًا طبيعيًا بعد أن كان يُعد ضعفًا أو دلالًا.
اقرا ايضا:سولافا سليم… صوت شبابي ملهم يصنع التغيير في المجتمع الكردي
أسئلة شائعة (FAQ)
س: ما الذي يميز فكر طارق حبيب عن بقية المتخصصين النفسيين؟
ج: تميّزه في الجمع بين العمق العلمي والبساطة اللغوية، وقدرته على تقديم علم النفس بلغة دافئة قريبة من القلب، مع احترام خصوصية الثقافة العربية والدينية.
س: هل يقدّم طارق حبيب دورات أو برامج تدريبية؟
ج: نعم، يقدّم برامج وورش عمل في الوعي النفسي والعلاقات الأسرية، ويشارك في ندوات مفتوحة للشباب والأسر.
س: ما أهم النصائح التي يكررها طارق حبيب؟
ج: من أبرز نصائحه: “اعرف نفسك قبل أن تطلب من الآخرين أن يفهموك”، و“أصلح علاقتك بذاتك أولًا لتتحسن علاقاتك بالناس”.
س: هل يتحدث طارق حبيب عن الدين في محاضراته؟
ج: نعم، لكن من منظور متزن، حيث يدمج القيم الدينية بالمفاهيم النفسية الحديثة دون تعارض، معتبرًا أن الإيمان والوعي وجهان لسلام النفس.
الخاتمة
رحلة طارق حبيب ليست مجرد مسيرة طبيب نفسي، بل هي مشروع إنساني هدفه إحياء الوعي في مجتمعات أنهكتها السرعة والضغوط. لقد أثبت أن فهم النفس ليس رفاهية فكرية، بل حاجة أساسية لبناء إنسان متوازن وسعيد.
في زمنٍ يزداد فيه الصخب، تأتي رسالته كنسمة هادئة تقول: “توقّف قليلًا، أنصت إلى نفسك، فربما كان الجواب في داخلك لا في الخارج.”
ولعل هذا ما يجعل طارق حبيب اليوم أحد أكثر الأصوات صدقًا وتأثيرًا في مسيرة الوعي الإنساني العربي.